أخلاق الكبار
أخلاقُ الكبارِ مدارُها حولَ معانٍ سبعة:
الحريةُ والأمانُ والإلهامُ والإنصافُ والجودُ والوفاءُ.
إنَّ الكبيرَ حقاً هو من يعشقُ الحريةَ ..من يعشق الدعوة والنضال .. من يسما بفكرة عاليا..
لأن الحرية والنضال هما هواؤه الذي يتنفسه.. ومداهُ الذي يتحركُ فيه..
تشعرُ معه بالأمانِ والإلهام.. وترى فيه الإنصافَ.. يغمرُك جودُهُ ويأسرُكَ وفاؤه.
لا حريةَ لإنسانٍ ما لم ينمُ في الشمس..
يصطلي بحرِّها وينطلقُ في ضيائها..
ويناضل دونَ أدنى ضغطٍ نفسيٍّ أو تأثيرٍ خارجي.... والكلام طويل......
ولا أمانَ إلاّ مع عليمٍ عاقلٍ راشدٍ.. كتومٍ للسرِّ وإنْ تقادم زمانُه..
صفاءُ نفسِهِ في قسَمَاتِ وجههِ وفَلَتاتِ لسانه..
إنْ لم يمنعه دينُهُ من الخيانةِ منعهُ حياؤه..
يتركُ الخطَلَ مروءةً ويستحيلُ عليهِ ديانةً.
ولا إلهام إلاّ ممن استلهم رؤاه من وحي السَّماء..
تنامت ملكاتُهُ مع صروفِ الزمَّانِ وأحداثِ الحياةِ وتداولِ الأيام..
فلا هو بمكثارِ الكلام..
إنما إضاءاتٌ تضيءُ الطريقَ وتبعثُ الهِمم... ولايراها إلا البصير..
ولا إنصاف إلاّ لمن .....
يضربُ ببصرِهِ الأرضَ وفكرُهُ في عَنَانِ السماء.
مَنْ ينتقي لك المفيد من علمِهِ الكبير.
أبْعَدُ الناسِ عن التصنيفِ والتفتيشِ والتجريحِ والتجهيلِ والتعميمِ والتدليسِ..
المنصفُ من أنصفَ نفسَهُ قبلَ إنصافِ الآخرين، وشغله عيبُ نفسه عن عيوبهم، وقصدَ البحرَ وتركَ عنه القنوات.
ولا جود إلاّ لمن جادتْ نفسُهُ بكرائمِ الطباعِ قبل أن تجودَ نفسُهُ بكرائم الأموال..
يغمرُك بإشراقةِ روحِهِ وابتسامةِ ثغرهِ وتطامنِ كبريائهِ..
قبلَ أن يغمرَكَ بما لذَّ وطابَ من الطعام والشراب.
فالجودُ بالنفسِ أسمى غايةِ الجود.
أما الوفاءُ فذاك خلقُ الكرامِ الكبار..
مواساةٌ عند حاجةٍ وتفقّدٌ من غير مسألةٍ..
لا تنسيه الأيامُ مَن أحسنَ إليه ولو بالقليل..
ولا تَبْعُدُ به زخارفُ الدنيا عن أهله وصحبه ورفاقِ دربهِ ... ومن أحبهم أو أحبوه.
فقلْ لي بربك.. إنسانٌ كريمُ نفسٍ.. معه الأمان.. ومنه الإلهام.. وفيه الإنصاف.. جودُ نفسهِ أكبرُ من جودِ مالِهِ.. وختامُ خصالهِ وفاءٌ يأسرك امتداده حتى ولو بدعوة بظهر الغيب.. ألا يستحق أن يكون كبيراً؟!
" وفي الختامِ همسةٌ في أُذُنٍ.. هي خلاصة المعاني.. وأقواها ... واستمع جيدا ...
إن أخلاقَ الكبارِ تولدُ معهم..
ولا تفارقهم إلاّ بالموت..
حيث تذهبُ أجسادُهم..
وتبقى ذكراهم تملأُ الأفُق والآفاقَ. "
.... كتبها محمد بن عبد الله ... تحية من صهيب