أعزائي وأصحابي، السلام عليكم..
بداية أحب أن أعبر عن سعادتي عند كتابتي هذا الموضوع ... وأود أن أُعرِّفكم بنفسي.. أنا شاب لم أتجاوز العشرين من عمري، وقد تعمدت ذكر سني لأقول لكم إن عمري قريب من كثير ممن يقومون بقراءة مقالي الآن فأنا شاب أعيش وسط الشباب، واحدا منهم، أعرف طموحاتهم وهمومهم، ما يسعدهم وما يقلقهم، والصعاب المحيطة بهم، وإيجابيات وسلبيات هذه المرحلة والمشاكل الكثيرة التي قد يمر بها كثير منا، فهذا المقال من أخ محب قريب من حياتكم.
***
السعادة هي الشعور الذي بحث عنه كل الناس وهو الذي تبنى عليه كل العلاقات الناجحة سواء الصداقات أو الزواج أو حتى داخل الأسرة بين الآباء والأبناء وهو الشعور الذي من أجله يمكن أن نضحي بأي شيء حتى تكون سعيداً..
نحن نعمل من أجل السعادة، والمهم أن نكون سعداء..
ولكن هل كل من بحث عن السعادة وجدها؟!
الإنسان.. تراب ونفخة من روح الله!!
فلنعد لأصل الموضوع.. إن ربنا خلق هذا الإنسان من شيئين أساسيين:
1- من تراب الأرض... قال الله تعالى ***هُوَ الذِّي خَلَقَكُم مِن تُرَابٍ ...***سورة غافر الآية 67
2- نفخة من روح الله...قال الله تعالى ***"ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ و الَابْصَارَ وَ الَافْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُون*** السجدة الاية 9
وغذاء هذا الجسد -الذي هو مخلوق من تراب الأرض- أيضاً من الأرض من نبات أو من حيوان يتغذى على هذا النبات، أما هذه الروح التي مصدرها ليس من الأرض لكن من السماء فغذاؤها سعادتها وحياتها من السماء.. والله هو الذي يملك السعادة الدائمة لهذا القلب ويملك القلب الذي في صدرك.. والقلب ذاته عبد من عباد الله، يحب الله، لكنه مسخر لك.. تحب به من تشاء وتنسى به من تشاء، لكن سعادة هذا القلب أن تشعر بقرب الرب سبحانه.
سعادة وقتية لا تدوم..
وكم من إنسان بحث عن السعادة في أشياء لا يحبها الله.. نعم وجد السعادة الوقتية، سواء في المخدرات أو علاقة محرمة مع ..... ، ولكن هل استمرت هذه السعادة معه، فإذا سألته: "هل أنت راض عن نفسك وسعيد؟" أجاب: "نعم الحمد لله أنا في قمة السعادة"؟؟ أم أن من اتجه للمخدرات دفع ثمن هذا الاختيار من صحته وماله ونظرة المجتمع له وأهله؟ إنها سعادة وقتية لا تدوم لأن الضحك والسعادة والفرحة رزق والرزق لا يملكه إلا رب العالمين... قال الله تعالى ***وَ أَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأبْكَى ***سورة النجم الاية 43
الله يناديك فأجبه..
وهل السعادة في البعد عن رب هو يحبك وينادي علينا كل يوم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ينزل ربنا في كل يوم إلى السماء الدنيا ينادي هل من تائب فأتوب عليه، وهل من مستغفر فأغفر له، هل من سائل فأعطيه" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كل يوم هو الذي ينزل وهو الذي ينادي وهو الذي يدعونا لنتقرب إليه. يُقبل علينا بوجهه الكريم إذا دخلنا في الصلاة ومن تاب إليه بعد أن عصاه يبدل سيئاته حسنات.. هل علمت أحداً يحبك مثل ربك؟؟
كم صبر علينا!! يعطينا النعم كل يوم فنعصيه بها، ومع ذلك ينعم علينا أكثر ولا يحرمنا.. أين السعادة في البعد عن هذا الإله الرحيم الكريم؟
هل معنى كلامي أن حياتنا ستنقلب فقط إلى عبادة؟؟ بالطبع لا فأنا لا أقصد ذلك.. إن العبادة هي أصل حياتنا، الصلاة، والصيام، والقرآن، والصدق، والأمانة، وكذلك الترفيه والخروج واللعب والمرح.. إلخ, ولكن ما حالنا حين نسمع أثناء هذا الترفيه "حي على الصلاة".
هو ينادي عليك لتأتي إليه.. هل ستترك الترفيه أو اللعب أو الخروج وتذهب إليه؟؟ أم أن الله لا يستحق منا ذلك؟!
هل إذا علمت أن الله لا يحب أن يراك في هذا المكان لأن به خمورا مثلا أو لأنه مكان غير لائق أخلاقياً فهل سنذهب بحثا عن السعادة بغض النظر عن رضا الله من عدمه؟؟ لا والله.. إنه -جل وعلا- أغلى علينا من أن نستهين برضاه هكذا.
لم يضيق علينا الله في هذه الدنيا مع أنه يفعل ما يشاء ونحن عبيده، وهو ملك الملوك ولكنه مع ذلك سمح لنا بالمباحات الكثيرة والترفيه لكن ليس على حساب رضاه عنا. ثم أعد لنا جنة فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
لذلك أوصي نفسي وأوصيكم بأن نعيش حياتنا وهو راضٍ عنا وهذا ليس صعبا إذا استعنا بالله.
قال الله تعالى ***مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِن ذَكَرٍ اَوُ انْثَى وَ هُوَ مُومِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَ لَنَجْزِيَنَّهُمُ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُون ***سورة النحل الاية 97