إن دعوة الإسلام اليوم لا تعتلي حتى يذكي أبناؤها شغلهم بليل،ولا تشرق أنوارها فتبدد ظلمات جاهلية القرن العشرين مالم تلهج ب: (ياقيوم) ما نقول هذا أول مرة ،وإنما هي وصية أحد العلماء حين خاطب الدعاة فقال: ((دقائق الليل غالية،فلا ترخصوها بالغفلة)) أفعيينا أن نعيد السمت الأول، أم غرنا اجتهاد في التساهل والتسيب والكسل جديد؟...إن القول عند الله لا يبدل ،ولكنا أرخصنا الدقائق الغاليةبالغفلة،فثقل المغرم ولم يجعل الله لنا من أمرنا يسرا.أن انتصار الدعوة لايكمن في آثرة الرق المنشور،بل برجعة نصوح ألى العرف الأول ،ومتى ما صفت القلوب بتوبة،ووعت هذا الكلام أذن واعية،كانت تحلة الورطة الحاضرة التي سببتها الغفلة المتواصلة.ذلك شرط لابد منهن....وكأن النصر حجب عنا لأننا نادينا من وراء الحجرات،وجهرنا رافعيين أصواتنا نوجب على اللهه لنا هذا النصر بدلال نبيعه ونثبت لنا حقا عاجلا في الثمن من دون أن نقدم بين يدي بيعنا همسا في الأسحار،ولا الدمع المدرار،وأنما النصر هبة محضة،يقر الله بها عين من يشاء من مدرسة الليل في الحياة الدنيا،ولا يلق الآخرين المقصرين من ثمنهم في الآخرة شيئا ،ويوقع أجرهم عليه.
ياليل قيامك مدرسة****فيها القرآن يدرسني
معنى الإخلاص فألزمه****نهجا بالجنة يجلسني
ويبصرني حقيقة الدنيا****بالأمل الكاذب تغمسني
مثل الحرباء تلونها****بالإثم تحاول تطمسني
فأباعدها وأعاندها****وأراقبهاتتهجسني
فأشد القلب بخالقه****والذعر الدائم يحرسني.
وأكثر من هذا فإن من يتخرج في مدرسة الليل يؤثر في الأجيال التي بعده ألى ماشاء الله،والمتخلف عنها يابس قاس تقسو قلوب الناظرين أليه،والدليل عند بشر بن الحارث الحافي مننذ القدمشاهده وأرشدنا إليه فقال: ((بحسبك أن قوما موتى تحيا القلوب بذكرهم،وأن قوما أحياء تقسو القلوب برؤيتهم))..فلما كان ذلك إن لم يكن ليل الأولين يقظة وليل غيرهم نوما؟ونهار الأولين جدا،ونهار الآخرين شهوة؟.