رسالة سراب

لقد تابع الكثير منا قمة المناخ التي اختتمت في فترة سابقة في كوبنهاغن, و الكثير تابع تلك المظاهرات الحاشدة و المشادات العنيفة مع قوات الأمن هناك, ليس لغلاء المعيشة أو لعدم الرضا على قائمة المستفيدين من السكنات(لأنهم تجاوزوا أو حلوا مثل هذه المشاكل المستوردة من القرن الحجري) و لكن من أجل حمل المؤتمرين على إيجاد طرق كفيلة بإنقاذ الأرض مهد حياتهم, و بالرغم من أننا نؤمن بأن للأرض رب يحميها, إلا أنني أحسدهم على مثل هذه الشعوب الواعية,أحسدهم على هذا الفكر المتفتح و الثقافة الواسعة التي تحملها, فلو سألنا أي شاب عندنا عن عن المناخ لقال:مناخ أبيض متوسط, قاري و صحراوي-هذا إن أجاب- و لا يعلم أن هذا المناخ ساد في حرب التحرير و امتد إلى أواخر فترة حكم المغفور له بومدين، ولا يعلم انه منذ ذلك الزمن أو من قبل بكثير و الأرض من مشرقها إلى مغربها تحت رعب الفصلين الأكثر قسوة-الصيف والشتاء............. فكيف لهذا الشاب أن يخرج في مظاهرة و يقود تمرد ضد الشرطة من أجل استعادة الربيع المنهوب أو الخريف المسلوب.
إن الكوبنهاغيين لما ثاروا، لدى الكثير منهم حلول أو أطروحات أحسن و أنجح من حلول الكثير من المؤتمرين ، ومن هنا نوقن لما سبقونا بسنوات عملاقة في طريق الحضارة. فحضارتهم ليست في السروال الضيق أو المرقع الذي كنت أرعى به الغنم في صغري، ولا في تسريحة شعرهم، حضارتهم ليست في الكعب العالي ، ولا في المشية التي تثير الغرائز في الطرقات.......... و ليست حضارتهم في إفراغ العقل من المبادئ و القيم, و الرقص الماجن بدافع حب الوطن على أنغام الفريق الوطني في ساحات الجامعات .... وحافلات طحكوت .
حضارتهم في أنهم سيتنازلون لنا عن الأرض التى لوثناها بتفاهاتنا،ليبنوا حضارة أخرى في مكان آخر، لأنهم واثقون من إيجاد كوكب آخر يصلح للحياة مهد لحضارة جديدة.
فيا إخوتي ... كفانا من التفاهات لأن التاريخ يسجل.... وواجبنا اليوم اللحاق بهم لألا يعير أبناءهم أبناءنا.