شكرا تنبيه رلئع....وفي هذا السياق أورد كلاما لأحد الفلسطينيين يوم العيد ...............
رغم الوجع حاولنا أن نبتسم و أن نخرج قلوبنا للحظات من بين الضلوع لتمسها شمس العيد الجديد .. واجتهدنا أن نقابل فجر العيد بنظرات الأمل نوزعها على الأحبة و نستذكر بها كل الوجوه الغالية التي فارقتنا منذ العيد الماضي و قبله بسنوات ، و تلك التي غيّبت عنا خلف القضبان و في مجاهل السجون، و التي تتكاثف كلها في ذاكرتنا و في لحظة واحدة كلما هل العيد
لكننا و رغم كل هذا الألم حاولنا أن ننتصر على الآه و المرارة ، و أن نزرع وميض الإحساس بالحياة في قلوبنا للحظات
كان الهاتف وسيلتنا الوحيدة للتواصل مع الأهل و الأحباب في المدن الأخرى، فقد لا نتمكن من رؤيتهم في هذا العيد و ربما طال الفراق حتى العيد القادم و ما يليه ..
المهم أننا استطعنا أن نسمع أصواتهم و أصغينا لآلامهم التي مازجها فرح لا بد منه ، و تبادلنا الأخبار و حكايا الشهداء و الصمود و الأمنيات، و كان الجميع يختم الكلام بعبارة وحيدة أن ليس لنا إلا الله ..
و لكل مدينة وجعها الخاص .. يتقاطع مع ألم غيرها في مساحة واحدة للتضامن و المواساة ..
ففي القدس مسجد حزين غادرته الحمائم و في الخليل دم لا زال يانعاً و أحياء كثيرة تجللها الحراب … و في رام الله حصار و دمار و غيوم ..
في جبل النار أكف لا زالت تقاوم الموت الكبير و عيون ترحل كل يوم .. في جنين مجنزرات تدوس كل زهرة و شوكة مزروعة على مداخلها ، تردّ عنها الكيد و الأذى
في طولكرم أنين لا ينقطع و استشهاديون ينهضون كل صباح .. و في غزة بحر يلاطم الجفاف و فجر يقاوم العتمة و ذاكرة تكابد النسيان ،و في كل الحواضر جنازات و شهداء و طيور تسافر
حاولت أن أبحث في نظرات صغيري عن ملامح الفرح .. كان يتابع عبر الشاشة مشاهد أطفال يرشقون الحجارة و رايات و أجساد محمولة على الأكتاف ، لم يكن صعباً عليه رغم صغره أن يحفظ أسماء بعض الاستشهاديين و أن يتقن شيئاً من مصطلحات المقاومة الكثيرة ..
لم يكبر بعد ليعرف مدلول العيد و معناه ،و لكن حتى لو عرف ذلك فالأمر سيّان ..فهل كان سيمارس هو و أمثاله طقوس العيد كما هي عند غيرهم من أطفال الشعوب الأخرى .. هل كان سيدرك أن للعيد خلف الحدود طعم آخر و نكهة فريدة يستمتع بها كل الأطفال ؟
أم هل كان سيغفو على أنغام أغنية ترددها الأمهات لأطفالهن قبل النوم بعد أن أرقهم السهاد في انتظار فجر العيد ؟
فأصوات القصف الليلي نسجت ألحاناً من لون آخر .. و مع مرور الأيام تعود عليها، فلم يصحو على هدير الدبابات حينما حاصرت حيّنا ذات مساء ، و لم يعد يأبه لأصوات الرصاص إذا ما مزقت السكون في لحظة ما ..
تحيّرني تساؤلاته الصامتة عن صورة عمّه الشهيد المعلقة على الجدار … معذرة يا صغيري فأنت لن تعرفه أبدا .. فقد رحل قبل أن تأتي إلى الوجود، و يوماً ما ستدرك كل شيء ، و المهم أنك لن تصالح قاتليه و لن تمد يدك لهم مصافحاً، و قد تكون من جيل سيحمل أعباء النصر الأكيد ليبتسم أبناؤك من بعدك لعالم جديد و عيد حقيقيّ …