هذا موضوع فيه ذكرى لمن أراد أن يتذكر كما قال الله عز وجل:**وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين**
فيه عبارات جاءت على ألسن أخيار هذه الأمة من سلفها الصالح وبعض علمائها،عبارات تحوي كلاما قيل عن القلب إذا نسيناه فسد ومات وإن ذكرناه حيا وامتلأ إيمانا ويقينا وكما جاء في الأثر **أكثروا من ذكر هادم اللذات**
الموت هادم اللذات وموقف الأفراح و مزهق الأرواح قال الأغلب رضي الله عنه:
**المرء تواق إلى مالم ينل**** والوت يتلوا ويلهه الأمل**
وقال أويس بن عامر :** يا أهل الكوفة توسدوا الموت إذا نمتم واجعلوه نصب أعينكم إذا قمتم**
وقال الربيع بن خثيم:**أكثروا ذكر هذا الموت الذي لم تذوقوا قبله مثله**
وقال عون بن عبد الله :كم من مستقبل يوم لم يستكمله ومنتظر غد لا يبلغه لو تنظرون إلى الأجل ومسيره لأبغضتم الأمل وغروره
وقال عمر بن ذر:** أما الموت فقد شهر لكم فأنتم تنظرون إليه في كل يوم وليلة من بين منقول عزيز على أهله كريم في عشيرته مطاع في قومه إلى حفرة يابسة وأحجار صم ليس يقدرله الأهلون على وساد إلا خالطه فيه الهوام فوسادهيومئذ عمله ومن بين مغموم غريب قد كثر في الدنيا همه وطال فيها سعيه وتعب فيها بدنه جاءه الموت قبل أن ينال بغيته ومن بين صبي مرضع ومريض موجع ورهن بالشر مولع وكلهم بالموت يقرع**
الموت هذه النقطة السوداء التي نزلت من السماء والتي ليس لها دواء قال تعالى **كلا إذا بلغت التراق وقيل من راق وظن أنه الفراق والتفت الساق بالساق إلى ربك يزمئد المساق** لقد سيق العبد إلى مأواه الأخير ليوضع تحت التراب ويترك وحيدا هناك فراشه التراب وغطاؤه التراب وأنيسه الدود والحشرات
أين أهله؟أين جماله وألوانه؟لم يبق له لباس إلا الكفن وها قد صار لحمه مجرد عفن .......ترى ماصنعت بهم الديدان؟ محت الألوان وعفرت الوجوه وكسرت الفقار وأبانت الأعضاء ومزقت الأشلاء.
ترى أليس اليل والنهار عليهم سواء؟ أليسوا في حفرات متساويات لا فرق بين فقيرهم وغنيهم وأسودهم وأبيضهم؟
كم من ناعم وناعمة أصبحوا ووجوههم بالية وأجسادهم عن أعناقهم نائية قد سالت الحدق على الوجنات وامتلأت الأفواه دما وصديدا ثم لم يلبثوا والله إلا يسيرا حتى عادت العظام رميما.قد فارقوا الحدائق فصاروا بعد السعة إلى الضيق
لقد فضع الموت الدنيا فلم يترك لذي لب فرحا وإن أمرا هذا الموت آخره لحقيق أن يزهد في أوله وأن أمرا هذا الموت آخره لحقيق أن يخاف آخره.
إن الإنسان في الدنيا كالنملة تجمع الحب في الصيف فتأكله في الشتاء فلما كان يوم أخذت حبة في فمها فجاءها عصفور فأخذها والحبة التي في فمها فلا ماجمعت أكلت ولا ما أملت نالت...فكم من إنسان أخذه الموت وما جمع ومنهم من جمع ولكن مالفائدة؟
إخواني في الدين: ألسنا نحن سكان القبور غدا؟ نعم والله إنا إلى القبور لسائرون....
ياساكن القبر ما الذي غرك من الدنيا؟ أين ثيابك الرقراق؟وأين دارك الفيحاء؟كيف تصبر على خشونة الثرى وبأي خديك يبدأ البلى؟...
فيا إخوة الإيمان:إن كل من على الدنيا فان لا محالة وقال الله عز وجل:**كل من عليها فان** واعلموا ان الموت مدرك كل انسان في أي مكان كان لقوله تعالى:** أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة** واعلموا أننا سنذوق مذاقا لم نذق قبله مثله قال تعالى:** كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون**
واعلموا أن الموت أشد من ضربة السيف حتى أنه يقطع الصوت من شدة الألم ويضعف كل جارحة من شدة الوهن ويخفض نبضات القلب ويجذب الروح من كل العروق من كل جزء حي في في الإنسان ،فتخيلوا معي ألما
قد أصابنا في كل نقاط جسمنا فإلى أي نقطة من جسمنا نشكوا ألمنا.....مابال القدمين إنها تبرد ثم تليها الساقان ثم الفخذان.....قال تعالى:** كلا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تشعرون**
’ه لقد أغلق باب التوبة أمامنا، قال تعالى :** حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون** ،هاقد بدأنا نستغيث العلي القدير ونسأله الرجوع لكن لماذا نريد بعد ذلك الرجوع؟ أنريد الأكل؟لا أنريد توديع الأهل؟لا قال تعالى:**قال رب ارجعون لعلي اعمل صالحا فيما تركت-**-لقد ندمنا بعد فوات الأوان ونبحث حين ذاك عن التوبة......
لو يسأل أحدنا نفسه حينما يرى النعش أمامه :ماذا يتمنى صاحب النعش ؟الجواب بالتأكيد الرجوع إلى الدنيا كي يتوب توبة نصوحا...
إذا كنا نعلم اننا لا نستطيع الرجوع إلى الدنيا كي نتوب فنحن فيها الآن وباستطاعتنا أن نتوب
جعلنا الله وإياكم من التائبين توبة نصوحا ينالون بها رضوان الله تبارك وتعالى.
الثلاثاء 20 يناير 2009 - 1:38