حدثني شعبان بن رمضان قال:**عدت إلى بيتي في مساء يوم اشتد قره ووبل مطره وعم ضبابه فقصدت الموقد أطرد البرد،فإذا بجمراته قد خمد نورها وتوارى دفؤها ،فغادرت موقدي وآويت إلى فراش في غير موعد،وماهو إلا زمن يسير مضى وجرى،حتى داعب جفوني الكرى،واجتذبني إلى عالم الأحلام والسرى، فرأيت نارا مضطرمة بدون دخان تعدو ورائي من مكان إلى مكان،وأخيرا أدركتني وبادرتني بالكلام:**أنا نار الجحيم التي ذكرت في الكتاب،أنا نار سقر ذات السبعة أبواب،أنا الهاوية دار الشقاء والعذاب،أنا لا أعذر إلا من تاب وأنابأنا جزاء من عدل عن سبيل الوهاب،أنا ماعدا حزب اله سأنتقم من كل الأحزاب،آه لو اعتبرتم وتدبرتم ولو قارنتم اليوم بالغد لانبهرتم،فأنا اليوم لست أنا في الغد،فأنا اليوم فاترة ضعيفة لا أحب أذاكم إلا إذا أردتم ،ولا أنفعكم إلا إدا بي استعنتم،وما خلقت إلا لخدمتكم وإسعادكم،لذا أراكم تحبونني وكثيرا ماتمدحونني ،فبي تنضجون الطعام وبي تطردون البرد والظلام ،كم تعجبكم شراراتي الجميلة وتسهرون حولي اليالي الطويلة وتحذرون لمسي ولو قليلا خوفا مني وأنا هزيلة،أما أنا في الغد فتزداد عظمتي ويسود لوني وتتضاعف لسعتي ويوم يؤذن لأبوابي بالانفتاح لا ينجو من عذابي إلا الناس الملاحوأستقبل الداخلين بانشراح،وتكونتحيتي لهم فيها شهيقا وزفيرا وترى أكثرهم نساءا والباقي ذكورا،من ولجني لا يجد بردا ولا سرورا ويمكث أحقابا ودهورا،وقودي ليس غازا ولا بنزين ليس حطبا ولا فلين،لكنه الحجارة والعصاة والمجرمون مقرنون في الأصفاد،وتاركو الصلاة،وآكلوا أموال الزكاة ومضلوا العباد،والعاملون على إشاعة الفساد،فيومئذ أسر بكل متبرجة في مشيتها مائلة متعوجة،وبكل زانية آثرت الفانية، وبكل مشاءة بالسر والنميمة معروفة بالأخلاق الذميمة،وبكل من اتخذ المسكر شرابا واعتبر البعث سرابا وعاث في الأرض فسادا وخرابا،جبالي العالية ترهقهم صعودا وأوديتي العميقة ستسقيهم صديدا وعقاربي كالبغال تلدغهم شديدا،وزبانيتي شداد تسحبهم وتضربهم حديدا طعامي لهم غير نجيع كالزقوم،والغسلين والضريع يغلي في البطون،ويقطع أمعاءهم في شجون ويلقون الوبال ويشربون من طينة الخبال ومن عصارة العصاة وصديد الطغاة،لا يتجرعونه إلا بشدة وعذاب ولباسهم ثياب من نار جزاء لبسهم في الدنيا ما يغضب الجبار،لقد تمتعوا كما أرادوا فاليوم كما أريد أنا النار....وافرحتاه..يوم يدخلون في رحابي وتغلق دونهم أبوابي ويشتد عليهم عذابي،فإذ ذاك يندمون وبربهم يعترفون،وقد كانوا في الدنيا عنه يتكبرون ..ولما يشتد عليهم عذاب الهون ينادون:**ربنا اخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون** وبعد ألف عام يأتيهم من الملك الجواب:**اخسؤوا فيها ولا تكلمون** وكلما نضجت جلودهم كما كانوا يعودون،ثم لا يموتون وكل يوم يعدل ألف عام مما يعرفون.....فواعجبا لمن عرف أهوالي وبعذابي لم يبالي،وأخلط الحرام بالحلال وأعرض عن الهدى ومال إلى الضلال وقد تيقن أن البقاء في الدنيا من المحال.**
.......وأفقت من نومي فزعا مذعورا،وحمدت الله كثيرا على أن ذلك كان في المنام ولم يكن في دنيا الأنام ،فسألت شعبان:وهل كلمتك الجنة في المنام؟....فقام من مجلسه،ودنا من الباب وأجاب بالايجاب،فاستبد بي الفضول لمعرفة ما تقول فألححت عليه في ذكر أقوالها ووصفها لنفسها وافتخارها على عكسها،فأطرق قلبلا ،ثم شرع يقول:أخذت الشمس في الأفول،والوقت بنا قد يطول لذا نؤجل لجلسة أخرى ما تقول.
//أرجو أن تنال اعجاب أعضاء المنتدى ولا تحرموا كاتبها (والدي)من خالص دعائكم//
الإثنين 17 نوفمبر 2008 - 1:32
